أسباب ورود الحديث وأثره في استنباط الأحكام

الملخص

      الحديث النبوي الشريف يأتي في المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم ضمن مصادر التشريع الإسلامي، ولبعض الآيات القرآنية أسباباً خاصةً عند نزولها تُسمى أسباب النزول، لذا نجد العلماء العاملين بَدَأوا يبحثون عن أسباب نزول القرآن وألفوا كُتُباً في ذلك، والحديث النبوي الشريف هو الآخر كان لبعض الأحاديث اسباباً لورودها تُسمى أسباب ورود الحديث. كما أَنَّ حُسْنَ فهم مُراد الله تعالى مِنَ الآيات القرآنية يكون عن طريق معرفةِ أسباب النزول التي تُعِينُ على فهم كتاب الله وتفسيره تفسيراً صحيحاً.

و إنَّ حُسْنَ فهم مُراد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الحديث الوارد عنه يكون عن طريق معرفة سبب وروده الذي يُعِينُ على فهم فقهِ سُنَّةِ رسوله اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهماً صحيحاً.

فالعِلمُ بأسبابِ النزول والعِلم بأسبابِ ورود الحديث يُعِينانِ المَرْءَ على حُسْنِ فهمِ مُرادِ الله تبارك وتعالى ومُراد رسوله اللهِ صلى الله عليه وسلم، وهو مِنَ النِعَمِ العظيمة التي يَمُنُّ الله تعالى بها على مِنْ يشاء مِنْ عباده، فالفهم عن الله وعن رسوله فضل؛ فما أوتيَ أحدٌ بعد الإيمان أفضل منه ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ﴾(1)، وهوفهمٌ يؤتيه الله لِمَنْ يشاء مِن عباده. لذا يقتضي علينا البحث والتحصيل لعلم أسباب ورود الحديث؛ لِيتسنى لنا فهمَ فقهِ سُنَّةَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهماً صحيحاً مجانبين الخطأ والزلل في ذلك.

يقول ابن القيم الجوزية ( 691 ـــ 751هـ ) : (( سوء الفهم عن الله ورسوله أصلُ كلُّ بدعةٍ وضلالةٍ نشأت في الإسلام. بل هو أصلُ كلِّ خطأ في الأصول والفروع، ولاسيما إنْ أُضيفَ إليه سوء القصد))(2).