وصفة النورسي العلاجية لأمراض الأمة الإسلامية من خلال الخطبة الشامية

الملخص

عاش سعيد النورسي(1877 . 1960م) المرحلة الأخيرة من عمر الدولة العثمانية والتي أُطْلِقَ عليها في هذه المرحلة ب(الرجل المريض)،ويتربص بها الأعداء من كل جانب لينهشوا منها ما يستطيعون،وكانت تُمَثِّلُ واجهة الإسلام والمسلمين،كانت الأمراض تنهش  جسدها بكل ما أوتيت من قوة، ومن خلالها  جسدَ الأُمةِ الإسلاميةِ معها،   مما أدى إلى إعاقتها وتأخُرِها  من اللحاق بركب الحضارة والتقدم. فها هو سعيد النورسي صاحب الذهن المتوقد والفكر النَّير وهو في شرخ الشباب، وبناءا على طلبٍ من علماء الشام وإلحاحهم ألقى خطبةً التي سُمْيَت(بالخطبة الشامية) باللغة العربية في الجامع الأموي بدمشق شتاءَ عام (1911م)، شخَّصَ فيها أنواع الداءَ الذي ألَمَّ بالأمة الإسلامية ألآ وهو(مرض حياة اليأس الذي يجد فينا أسبابه وبعثه، و مرض موت الصدق في حياتنا الإجتماعية والسياسية،و حبُّ العداوة،والجهل بالروابط النورانية التي تربط المؤمنين بعضهم ببعض، و سريان الإستبداد، وسريان الأمراض المُعْدية المتنوعة، وحصر الهمة في المنفعة الشخصية). النورسي الذي شَخَّص الداء والأمراض ولم يتركها على عواهنها،بل مِثْلَ الطبيب الحاذق المتمرس في مهنته شَخَّص الدواءَ ووصفهُ  كعلاجٍ لكُلِّ داءٍ مما ذكره، وعلى التوالي حسب التسلسل  لذكره للداء أعقبه بذكر العلاج له فقال : (علاجه الأمل، وعلاجه الصدق أساس الإسلام، وعلاجه أنَّ أَجْدَرَ شئ بالمحبة هي المحبة نفسها، وعلاجه ربط طوائف الإسلام برباط الأخوة الإسلامية، وعلاجه صرف النظر عن التقصير الشخصي، وليتجاوز كلٌّ عن الآخر وعلاجه أن مفتاح سعادة المسلمين في حياتهم الاجتماعية). وغايته من كل ذلك إنتشال الأمة الاسلامية من الوضع المزري الذي تردّت فيه،ولاستنهاض الهمم كي يستفيقوا من غفلتهم وليتبوَؤا ريادة العالَمِ كماس كان أسلافهم حينما كانوا على المحجة البيضاء. لكن الحرب الكونية الأولى لم تدع المجال للعمل بها وأدَتْ إلى افول نجم الدولة العثمانية، وبقيت الأمراض تفتك بالمجتمع الإسلامي  وإلى يومنا هذا دون رادع، بل زادت قوةً وشراسةً وهمجيةً،ونالت منها ما لم تكن تحلم به حتى في أحلامها،بل زادت في الطين بَلَّةُ؛بأن قَسَّمَتها إلى دول ودويلات، ورسمت لها حدودا،واختارت لها ملوكاً وحكاماُ ممن يأتمرون بِأوامرهم ولا يخرجون عن شورهم،فكانوا لهم أدوات طَيِّعَةً يُنفذون أوامر أسيادهم بحذافيرها لا يَحيدون عنها قيدَ أنمُلَةٍ،ومن خرج عن طوعهم أو انتهت فاعليته، قُتِلَ أو اسْتُبْدِل،لِيُنَفِذوا مآربهم الخبيثة في طمس كل مَعْلَم إسلامي، وتمييع جيل الشباب بشتى الطرق والوسائل والرذائل الدنيئة، وقد أفلحوا في ذلك وحققوا مآربهم وتم لهم ما أرادوا.